ما بعد: يقول الله عز وجل : ( إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) [ق:17-18].
أيها المسلمون
: في هذه الآية تذكير للمؤمنين برقابة الله عز وجل التي لا تتركه لحظة من
اللحظات، ولا تغفل عنه في حال من الأحوال، حتى فيما يصدر عنه من أقوال، وما
يخرج من فمه من كلمات؛ كل قول محسوب له أو عليه، وكل كلمة مرصودة في سجل
أعماله : (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )[ق:17-18]. يسجله الملكان في الدنيا ويوم القيامة ينكشف الحساب ويكون الجزاء .
روى الإمام أحمد والترمذي عن بلال بن الحارث رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: ((إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت
يكتب الله عز وجل له بها رضوانه إلى يوم القيامة، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة
من سخط الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله تعالى بها عليه سخطه
إلى يوم يلقاه ))(2).
ولذلك كان علقمة رحمه الله وهو أحد رواة هذا الحديث يقول: (كم من كلام قد منعنيه حديث بلال بن الحارث) فكان يمتنع عن كثير من الكلام حتى لا يسجل عليه قول أو ترصد عليه كلمة من اللغو الذي لا فائدة فيه: (قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون) [المؤمنون:1-3].
ومن هنا أيها الأخوات كان حرياً بالمسلم أن يضبط لسانه، ويسائل نفسه قبل أن يتحدث عن جدوى الحديث وفائدته؟
فإن كان خيراً تكلم وإلا سكت والسكوت في هذه الحالة عبادة يؤجر عليها، وصدق رسول الله إذ يقول: ((ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت)) رواه البخاري ومسلم(2).
واللسان هو
ترجمان القلب، وقد كلفنا الله عز وجل أن نحافظ على استقامة قلوبنا واستقامة
القلب مرتبطة باستقامة اللسان، ففي الحديث الذي رواه الإمام أحمد: ((لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه ))(3).
وروى الترمذي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان تقول: اتق الله فينا فإنما نحن بك، فإن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا ))
من كلام ابن الجوزي رحمه الله تعالى :
إخواني
تفكروا لماذا خلقتم فالتفكر عبادة ، وامتثلوا أمر الإله فقد أمر عِباده ،
والتفتوا عن أسباب الشقاء إلى أسباب السعادة ، واعلموا أنكم في نقص من
الأعمار لا في زيادة .
آه لنفس
أقبلت على العدو وقبلتْ ، وبادرت ما يؤذيها من الخطايا وعجلت ، منْ لها إذا
نوقشت على أفعالها وسُئلتْ ، وقررت بقبائحها يوم الحشر فخجلت ، وقيدت
بقيود الندم على التفريط وكُبلتْ ، وشاهدت يوم الجزاء قبْح ما كانت عملتْ .
يا كثير الكلام حسابك شديد ، يا عظيم الإجرام عذابك جديد ، يا مؤثرا ما يضره ما رأيك سديد ، يا ناطقا بما لا يجدي ولا يُفيد (( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد)) .
كلامك مكتوب ،
وقولك محسوب ، وأنت يا هذا مطلوب ، ولك ذنوب وما تتوب ، وشمس الحياة قد
أخذت في الغروب ، فما أقسى قلبك من بين القلوب ! وقد أتاه ما يصدع الحديد
(( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )) .
أتظن أنك
متروك مهْمل ؟ أم تحسب أنه ينسى ما تعمل ؟ أو تعتقد أن الكاتب يغفل ! هذا
صائح النصائح قد أقبل ، يا قاتلا نفسه بكفه لا تفعل ، يا منْ أجله ينقص
وأمله يزيد (( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )) .
أنا من خوف الوعيد *** في قيام وقعود
كيف لا أزداد خوفا *** وعلى النار ورودي
كيف جحْدي ما تجرّمت *** وأعضائي شهودي
كيف إنكاري ذنوبي *** أم تُرى كيف جحودي
وعليّ القول يُحصى *** برقيب وعتيد
[b]قال أبو الدرداء رضي الله عنه: "أنصف أذنيك من فيك! فإنما جعلت لك أذنان وفم واحد لتسمع أكثر مما تتكلم به"[/b]
[b]قال الحكماء: "إذا تم العقل نقص الكلام"..! أي انه متى زاد الكلام عن حده حصل للعقل العكس[/b]
[b]قال سفيان الثوري رحمه الله: "أول العبادة الصمت، ثم طلب العلم، ثم العمل به، ثم حفظه، ثم نشره"[/b]
إن كان يعجبك السكوت فإنه
قد كان يعجب قبلك الأخيار
ولئن ندمت على سكوت مرة
فلقد ندمت على الكلام مرارا
قال أبو الذيال رحمه الله:
"تعلم الصمت كما تتعلم الكلام! فإن يكن الكلام يهديك فإن الصمت يقيك، ولك
في الصمت خصلتان: خصلة تاخذ بها علم من هو اعلم منك وتدفع بها جهل من هو
اجهل منك"
ما ذل ذو صمت وما من مكثر
إلا يزل وما يعاب صموت
إن كان منطق ناطق من فضة
فالصمت در زانه الياقوت
قال الحسن البصري رحمه الله: " لقد ادركت أقواما إن كان الرجل منهم ليجلس مع القوم فيروه عيي –أي من طول صمته – وما به عي، إنه لفقيه مسلم"
قال مالك بن انس رحمه الله: "كل شيء ينتفع بفضله – أي بزيادته – إلا الكلام، فإن فضله يضر"
تكلم رجل عند معاوية رضي الله عنه فهذر، فلما أطال قال: أأسكت يا أمير المؤمنين؟ قال: وهل تكلمت
قبل أن تتكلم اسأل نفسك....
ما غايتك من هذا القول!! رضى الله.. أم هوى النفس!!؟
هل سيكون في ميزان حسناتك أم سيئاتك ؟؟
أيها المسلمون
: في هذه الآية تذكير للمؤمنين برقابة الله عز وجل التي لا تتركه لحظة من
اللحظات، ولا تغفل عنه في حال من الأحوال، حتى فيما يصدر عنه من أقوال، وما
يخرج من فمه من كلمات؛ كل قول محسوب له أو عليه، وكل كلمة مرصودة في سجل
أعماله : (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )[ق:17-18]. يسجله الملكان في الدنيا ويوم القيامة ينكشف الحساب ويكون الجزاء .
روى الإمام أحمد والترمذي عن بلال بن الحارث رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: ((إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت
يكتب الله عز وجل له بها رضوانه إلى يوم القيامة، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة
من سخط الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله تعالى بها عليه سخطه
إلى يوم يلقاه ))(2).
ولذلك كان علقمة رحمه الله وهو أحد رواة هذا الحديث يقول: (كم من كلام قد منعنيه حديث بلال بن الحارث) فكان يمتنع عن كثير من الكلام حتى لا يسجل عليه قول أو ترصد عليه كلمة من اللغو الذي لا فائدة فيه: (قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون) [المؤمنون:1-3].
ومن هنا أيها الأخوات كان حرياً بالمسلم أن يضبط لسانه، ويسائل نفسه قبل أن يتحدث عن جدوى الحديث وفائدته؟
فإن كان خيراً تكلم وإلا سكت والسكوت في هذه الحالة عبادة يؤجر عليها، وصدق رسول الله إذ يقول: ((ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت)) رواه البخاري ومسلم(2).
واللسان هو
ترجمان القلب، وقد كلفنا الله عز وجل أن نحافظ على استقامة قلوبنا واستقامة
القلب مرتبطة باستقامة اللسان، ففي الحديث الذي رواه الإمام أحمد: ((لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه ))(3).
وروى الترمذي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان تقول: اتق الله فينا فإنما نحن بك، فإن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا ))
من كلام ابن الجوزي رحمه الله تعالى :
إخواني
تفكروا لماذا خلقتم فالتفكر عبادة ، وامتثلوا أمر الإله فقد أمر عِباده ،
والتفتوا عن أسباب الشقاء إلى أسباب السعادة ، واعلموا أنكم في نقص من
الأعمار لا في زيادة .
آه لنفس
أقبلت على العدو وقبلتْ ، وبادرت ما يؤذيها من الخطايا وعجلت ، منْ لها إذا
نوقشت على أفعالها وسُئلتْ ، وقررت بقبائحها يوم الحشر فخجلت ، وقيدت
بقيود الندم على التفريط وكُبلتْ ، وشاهدت يوم الجزاء قبْح ما كانت عملتْ .
يا كثير الكلام حسابك شديد ، يا عظيم الإجرام عذابك جديد ، يا مؤثرا ما يضره ما رأيك سديد ، يا ناطقا بما لا يجدي ولا يُفيد (( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد)) .
كلامك مكتوب ،
وقولك محسوب ، وأنت يا هذا مطلوب ، ولك ذنوب وما تتوب ، وشمس الحياة قد
أخذت في الغروب ، فما أقسى قلبك من بين القلوب ! وقد أتاه ما يصدع الحديد
(( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )) .
أتظن أنك
متروك مهْمل ؟ أم تحسب أنه ينسى ما تعمل ؟ أو تعتقد أن الكاتب يغفل ! هذا
صائح النصائح قد أقبل ، يا قاتلا نفسه بكفه لا تفعل ، يا منْ أجله ينقص
وأمله يزيد (( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )) .
أنا من خوف الوعيد *** في قيام وقعود
كيف لا أزداد خوفا *** وعلى النار ورودي
كيف جحْدي ما تجرّمت *** وأعضائي شهودي
كيف إنكاري ذنوبي *** أم تُرى كيف جحودي
وعليّ القول يُحصى *** برقيب وعتيد
[b]قال أبو الدرداء رضي الله عنه: "أنصف أذنيك من فيك! فإنما جعلت لك أذنان وفم واحد لتسمع أكثر مما تتكلم به"[/b]
[b]قال الحكماء: "إذا تم العقل نقص الكلام"..! أي انه متى زاد الكلام عن حده حصل للعقل العكس[/b]
[b]قال سفيان الثوري رحمه الله: "أول العبادة الصمت، ثم طلب العلم، ثم العمل به، ثم حفظه، ثم نشره"[/b]
إن كان يعجبك السكوت فإنه
قد كان يعجب قبلك الأخيار
ولئن ندمت على سكوت مرة
فلقد ندمت على الكلام مرارا
قال أبو الذيال رحمه الله:
"تعلم الصمت كما تتعلم الكلام! فإن يكن الكلام يهديك فإن الصمت يقيك، ولك
في الصمت خصلتان: خصلة تاخذ بها علم من هو اعلم منك وتدفع بها جهل من هو
اجهل منك"
ما ذل ذو صمت وما من مكثر
إلا يزل وما يعاب صموت
إن كان منطق ناطق من فضة
فالصمت در زانه الياقوت
قال الحسن البصري رحمه الله: " لقد ادركت أقواما إن كان الرجل منهم ليجلس مع القوم فيروه عيي –أي من طول صمته – وما به عي، إنه لفقيه مسلم"
قال مالك بن انس رحمه الله: "كل شيء ينتفع بفضله – أي بزيادته – إلا الكلام، فإن فضله يضر"
تكلم رجل عند معاوية رضي الله عنه فهذر، فلما أطال قال: أأسكت يا أمير المؤمنين؟ قال: وهل تكلمت
السؤال
ما معنى تفسير قول الله تعالى ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيقول الشوكاني رحمه الله في تفسيره لهذه الآية وهي قول الحق سبحانه: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (قّ:18)،أي ما يتكلم من كلام فيلفظه ويرميه من فيه إلا لديه، أي ذلك اللافظ، رقيب، أي ملك يرقب قوله ويكتبه، والرقيب الحافظ المتتبع لأمور الإنسان الذي يكتب ما يقوله من خير وشر، فكاتب الخير هو ملك اليمين، وكاتب الشر ملك الشمال.انتهى.
وليست هذه الكتابة خاصة بالقول فقط، وإنماشاملة للفعل أيضاً، قال ابن كثيرفي قوله تعالى: إِلَّالَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (قّ:18):أي إلا ولها من يرقبها معد لذلك ليكتبها، لا يترك كلمة ولا حركة كماقال تعالى:وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ*كِرَاماً كَاتِبِينَ*يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (الإنفطار:10-12).انتهى.
واختلفالعلماء هل يكتب الملك كل شيء من الكلام أم أنه لا يكتب إلا ما فيه عقاب وثواب؟ قال القرطبي في تفسيره: قال ابن الجوزاء ومجاهد يكتب على الإنسان كل شيء حتى الأنين في مرضه، وقال عكرمة لا يكتب إلا ما يؤجر به أو يؤزرعليه، وقيل يكتب عليه كل ما يتكلم به، فإذا كان آخر النهار محا عنه ما كان مباحاًنحو انطلق اقعد كل مما لا يتعلق به أجر أو وزر.
وذكرابن كثيرأن ظاهر الآية العموم. والله أعلم.
فيقول الشوكاني رحمه الله في تفسيره لهذه الآية وهي قول الحق سبحانه: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (قّ:18)،أي ما يتكلم من كلام فيلفظه ويرميه من فيه إلا لديه، أي ذلك اللافظ، رقيب، أي ملك يرقب قوله ويكتبه، والرقيب الحافظ المتتبع لأمور الإنسان الذي يكتب ما يقوله من خير وشر، فكاتب الخير هو ملك اليمين، وكاتب الشر ملك الشمال.انتهى.
وليست هذه الكتابة خاصة بالقول فقط، وإنماشاملة للفعل أيضاً، قال ابن كثيرفي قوله تعالى: إِلَّالَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (قّ:18):أي إلا ولها من يرقبها معد لذلك ليكتبها، لا يترك كلمة ولا حركة كماقال تعالى:وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ*كِرَاماً كَاتِبِينَ*يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (الإنفطار:10-12).انتهى.
واختلفالعلماء هل يكتب الملك كل شيء من الكلام أم أنه لا يكتب إلا ما فيه عقاب وثواب؟ قال القرطبي في تفسيره: قال ابن الجوزاء ومجاهد يكتب على الإنسان كل شيء حتى الأنين في مرضه، وقال عكرمة لا يكتب إلا ما يؤجر به أو يؤزرعليه، وقيل يكتب عليه كل ما يتكلم به، فإذا كان آخر النهار محا عنه ما كان مباحاًنحو انطلق اقعد كل مما لا يتعلق به أجر أو وزر.
وذكرابن كثيرأن ظاهر الآية العموم. والله أعلم.
قبل أن تتكلم اسأل نفسك....
ما غايتك من هذا القول!! رضى الله.. أم هوى النفس!!؟
هل سيكون في ميزان حسناتك أم سيئاتك ؟؟
م / ن